إليه آحاد الجهات مجيبة للصوت إجابة أدبية أو مادية فإن فقد المرء جنسيته أو جهل مجدها وتاريخها وآثارها انسلخ عنها وإن تكلم بلهجتها ولزم عادتها، وإذا ترك لغته بلغة أخرى لزمه التخلق بأخلاق أهلها واستحسان ما هم عليه من العادات والمألوفات وإن أمات بذلك عادات جنسه وينطوي تحت انفعاله بتأثير التعبير بغضه من غايره وحبه من ماثله فيكون أجنبياً بين قومه أو في قوة الأجنبي والمراد بترك اللغة جهلها والاستعاضة عنها بلغة الغير لا علمه بها مع المحافظة على لغته واستعمالها في أقواله بين قومه واشتغاله بالمحافظة عليها وإتقان قواعدها بما يراه في لغة الغير مما يسهل تناوله لو ترجم إلى لغته فإن الجامع بين لغته ولغات الغير أساس من أسس العمران المدني ومنبع من منابع الأبحر العلمية، وإذا تهاون في أحوال دينه وفروعه هان عليه التقاعد عن نصرة أهله الجامعة لما تشتت في الوجاهة والثروة والوطنية والجنسية واللغة فإننا نرى مقيماً في الشرق يتألم بمصاب دينيّة في الغرب وليس بينه وبينه جامعة وطن أو جنس أو لغة وإنما تتحرك ذاته بحركات دينيّة لسري الجاذبية الدينية في الجسم سري الماء في العود فإذا فقدها بتقليد الغير فقد استخدم نفسه لأفكاره حتى لو اضطره لمقاتلة أبيه وأخيه معه لفعل لاستقباحه ما هم عليه واستحسانه ما عليه الغير، ويدخل في هذا التقليد في الملابس والمطاعم والمشارب والمجامع فإن عادات الغير أو حسنها من قبل أن ينظر في منافعها ومضارها.
وحيث أن هذا البحث من أعظم مباحث الأخلاق والاجتماع المدني