أمته بعد نسيانه ما هي عليه من العادات وما لها من الأخلاق، إنما قلنا حفظ المظهر أو الثروة أو الوطنية أو الجنسية أو اللغة أو الدين؛ لأن الإنسان إذا ترك مظهره ووجاهته للغير بتنزله إليه حتى يحله محله فقد سلم الأفراد الذين كانوا يسيرون بسيره ويهتدون بتدبيره ونزل هو إلى درجتهم وإن مشي في ثياب العظماء، وإذا تهاون في مستغل ثروته من صناعة وتجارة وأخذ يقلد الغير في استعمال مصنوعه وصورة تجارته أمات الصنعة والصناع وأعدم التجارة وحوّل ما كان بيده إلى الغير من غير شعور وعاد فقيراً محتاجاً لما بيد الغير لا يجد ما يقوته إلا ما بقي من فضله ومهن الأمور، وإن جهل الوطنية وحقوقها وواجبات أهلها سهل عليه الانقياد للغير وتسليمه الوطن غروراً بالظاهر وجهلاً بالعواقب؛ إذ لا يعلم من الوطنية إلا أنه ساكن بهذه الأرض ينتفع بالسكنى فيها انتفاع الوحش بالأودية والمغارات فلا يعرف تاريخ الحياة الوطنية ولا الأمم المؤسسة لها ولا شرف استقلال الاستيطان ولا مجد وقاية المأوى وبهذا يكون بين يدي الغير بمنزلة أجنبي يستعمله في مهنه وليس له إلا أجر أجير ومنزلة نزيل.
وإذا تجنس بغير جنسيته بالتقليد واتباع محسنات الغير ومجاراته في أقواله وأفعاله وقعت جنسيته عنده موقع العدو وعدم فوائدها التي يأتي بها اجتماع أفراد الجنس فإن الوطنية تجمع أجناساً شتى يدعوهم حب الوطن إلى توحيد المعاملة والسير في كل ما من شأنه حفظ الوطن وعماره وانتظامه وامتداد تجارته وتحسين صناعته لا يفرق بينهم جنس ولا دين لسير الجميع خلف مقصد واحد فإذا سمع صوت الجنس في وطن آخر تداعت