أسألك له الرضا برضاي منه. قم قالت: استودعتك من استودعنيك في أحشائي جنيناً. وأثكل الوالدات ما أمض حرارة قلوبهن وأقلق مضاجعهن وأطول ليلهن وأقصر نهارهن وأقل أنسهن وأشد وحشتهن. وأبعدهن من السرور وأقربهن من الأحزان. فلم تزل تقول هذا ونحوه حتى أبكت كل من سمعها. وحمدت الله وصلت ركعات عند قبره وانطلقت.

الأحنف بن قيس والراثية

لما دفن الأحنف بن قيس بالكوفة قامت امرأة على قبره فقالت: لله درك من مجن في جنن. ومدرج في كفن. نسأل الذي فجعنا بموتك. وابتلانا بفقدك. أن يجعل سبيل الخير سبيلك. ودليل الرشد دليلك. وأن يوسع لك في قبرك. ويغفر لك في حشرك. فلقد كنت في المحافل شريفاً. وعلى الأرامل عطوفاً. ولقد كنت في الحي مسوداً. وإلى الخليفة موفداً. ولقد كانوا لقولك مستمعين. ولرأيك متبعين. وأنت أهل لحسن الثناء وطيب البقاء. أما والذي كنت من أجله في عدة. ومن الحياء إلى مدة. ومن المقدار إلى غاية. ومن الآثار إلى نهاية. الذي رفع عملك لما قضى أجلك. لقد عشت حميداً مودوداً. ومت سعيداً مفقوداً. ثم انصرفت وهي تقول:

لله درك يا أبا بحر ... ماذا تغيب منك في القبر

لله درك أي حشو ثرى ... أصبحت من عرف ومن نكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015