الباب الثالث في المراثي

رثاء أعرابية لابنها

قال الأصمعي: حجت أعرابية ومعها ابن لها فأصيبت به. فلما دفن قامت على قبره وهي موجعة فقالت: والله يا بني لقد غذوتك رضيعاً. وفقدتك سريعاً. وكأنه لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها. فأصبحت بعد النضارة والغضارة ورونق الحياة والتنسم في طيب روائحها تحت أطباق الثرى جسداً هامداً ورفاً سحيقاً وصعيداً جرزاً. أي بني قد سحبت الدنيا عليك أذيال الفنا وأسكنتك دار البلى. ورمتني بعدك نكبة الردى. أي بني لقد أسفر لي عن وجه الدنيا صباح داح ظلامه. (ثم قالت) : أي رب منك العدل ومن خلقك الجور. وهبته لي قرة عين فلم تمتعني به كثيراً بل سلبتنيه وشيكاً. ثم أمرتني بالصبر ووعدتني عليه بالأجر فصدقت وعدك ورضيت قضاءك. فرحم الله من ترحم على من استودعته الردم ووسدته الثرى. اللهم ارحم غربته وآنس وحشته واستر سوءته يوم تنكشف السوءات. (فلما أرادت الرجوع إلى أهلها وقفت على قبره فقالت) : أي بني إني قد تزودت لسفري فليت شعري ما زادك لبعد طريقك ويوم معادك. اللهم إني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015