والميادين المنتظمة والبساتين والمراتب المتخذة لأهل الخدمة ما راع أبصارنا. وأذهل أفكارنا وأبصرنا فيما أبصرنا مجلسنا في ساحةٍ فسيحة قد أحدق بها بستان وانتظمت بجوانبها بلاطات. والمجلس قد اخذ استطالة تلك الساحة كلها. فعجبنا من طوله وإشراف مناظره. فأعلمنا أنه موضع غذاء الملك مع أصحابه. وتلك البلاطات والمراتب حيث تقعد حكامه وأهل الخدمة والعمالة أمامه. فخرج إلينا ذلك المستخلف يتهادى بين خديمين يحفان به ويرفعان أذياله. فأبصرنا شيخاً طويل السبلة أبيضها ذا أبهة. فسألنا عن مقصدنا وعن بلدنا بكلامٍ عربي لينٍ فأعلمناه. فأظهر الإشفاق علينا وأمر بانصرافنا بعد أن أحفى في السلام والدعاء فعجبنا من شانه. وكان أول سؤاله لنا عن خبر القسطنطينية العظمى وما عندنا منه فلم يكن عندنا ما نعلمه به. وخرجنا إلى احد الفنادق فنزلنا فيه وذلك يوم السبت الثاني والعشرين لدجنبر. وفي خروجنا من القصر المذكور سلكنا بلاطاً متصلاً مشينا فيه مسافة طويلة وهو مسقف حتى انتهينا إلى كنيسة عظيمة البناء. فأعلمنا أن ذلك البلاط ممشى الملك إلى هذه الكنيسة (ذكر بلرمة) هي بهذه الجزائر أم الحضارة والجامعة بين

الحسنين غضارةٍ. فما شئت بها من جمال مخبر ومنظر. ومراد عيش يانعة خضر. عتيقة أنيقة. مشرقة مؤنقة. تتطلع بمرأى فتان. وتتخايل بين ساحات وبسائط كلها بستان. فسيحة السكك والشوارع. تروق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015