ويؤنسوننا. فرأينا من سياسيتهم ولين مقصدهم مع السلمية ما يوقع العجب. حتى انتهينا إلى قصر سعدٍ على فرسخ من المدينة وقد أخذ بنا الإعياء فملنا إليه وبتنا فيه. وهذا القصر على ساحل البحر مشيد البناء عتيقة قديم الوضع من عهد ملكة المسلمين للجزيرة. وبإزائه عين تعرف بعين المجنونة. وله باب وثيق من الحديد. وداخله مساكن وعلالي مشرفة وبيوت منتظمة. وهو كامل مرافق السكنى وفي أعلاه مسجد من أحسن مساجد الدنيا بهاء. مستطيل ذو حنايا مفروشة بحصرٍ تطيفه لم ير أحسن منها صنيعة. وقد علق فيه نحو الأربعين قنديلا من أنواع الصفر والزجاج. وأمامه شارع واسع مستدير بأعلى القصر وفي أسفل القصر بئر عذبة. فبتنا في هذا المسجد أحسن مبيت وأطيبه. وبمقربة من هذا القصر نحو الميل إلى جهة المدينة قصر آخر على صفته يعرف بقصر جعفر. وداخله سقاية تفور بماء عذب. وأبصرنا للنصارى في هذه الطريق كنائس معدة لمرضى النصارى. ولهم في مدنهم مثل ذلك في صفة مارستانات المسلمين. وأبصرنا لهم بعكة وبصور مثل ذلك. فعجبنا من اعتنائهم بهذا القدر. فلما صلينا الصبح توجهنا إلى المدينة فجئنا لندخل فمنعنا وحملنا إلى الباب المتصل بقصور الملك الإفرنجي غليام وأدينا إلى المستخلف ليسألنا عن مقصدنا. وكذلك فعلهم بكل غريب فسرنا في سكك رحاب وأبواب وساحات ملوكية. وأبصرنا من القصور المشرفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015