ناحية ينظر إلينا. فلا والله إن ذاق منه مزعة وإنه لأحوج إليه منا. فأصبحنا ما على الأرض من الفرس إلا عظم وحافر. فانشأ حاتم يقول:
مهلاً نوار أقلي اللوم والعذلا ... ولا تقولي لشيء فات ما فعلا
ولا تقولي لمال كنت مهلكه ... مهلاً وإن كنت أعطي الإنس والجبلا
يرى البخيل سبيل المال واحدةً ... إن الجواد يرى في ماله سبلا
334 خرج بن مامة الإيادي في قفل معهم رجل من بني النمر. وكان ذلك في حر الصيف فضلوا وشح ماؤهم فكانوا يتصافنون الماء. وذلك أن يطرح في القعب حصاة ثم يصب فيه من الماء بقدر ما يغمر الحصاة. فيشرب كل واحد قدر ما يشرب الآخر.
ولما نزلوا للشرب ودار القعب بينهم حتى انتهى إلى كعبٍ رأى الرجل النمري يحد نظره إليه. فآثره بمائة وقال للساقي: أسق أخاك النمري فشرب النمري نصيب كعبٍ من الماء ذلك اليوم. ثم نزلوا من الغد منزلهم الآخر فتصافنوا بقية مائهم. فنظر إليه كنظره أمس. وقال كعب كقوله أمس. وارتحل القوم وقالوا: يا كعب ارتحل. فلم يكن له قوة للنهوض وكانوا قد قربوا من الماء. فقالوا له: رد يا كعب إنك وارد. فعجز عن الجواب. ولما أيسوا منه خيموا عليه بثوب يمنعه من السبع أن يأكله. وتركوه مكانه فمات. فذهب ذلك مثلاً يمنعه من السبع أن يأكله. وتركوه مكانه فمات. فذهب ذلك مثلاً في تفضيل الرجل صاحبه على نفسه (أخبار العرب لابن قتيبة)