آخر: الشعر الجيد هو السحر الحلال. والعذب الزلال. إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحراً. وكان يقال: النثر يتطاير تطاير الشرر. والشعر يبقى بقاء النقش في الحجر. وقيل لحمزة بن بيص: من أشعر الناس. قال: من إذا قال أسرع. وإذا وصف أبدع. وإذا مدح رفع. وإذا هجا وضع. وقال دعبل في كتابه الموضوع في مدح الشعراء: إنه لا يكذب أحد إلا اجترأه الناس فقالوا: كذاب. إلا الشاعر فإن يكذب يستحسن كذبه. ويحتمل ذلك له ولا يكون ذلك عيباً عليه. ثم لا يلبث أن يقال: أحسنت. (وفيه) أن الرجل الملك أو السوقة إذا صير ابنه في الكتاب أمر معلمه أن يعلمه الشعر. لأنه توصل به المجالس. وتضرب فيه الأمثال وتعرف به محاسن الأخلاق ومشاينها فتذم وتحمد وتهجى وتمدح. وأي شرف أبقى من شرف يبقى بالشعر. (وفيه) أن امرئ القيس كان من أبناء الملوك. وكان من أهل بيته وبني أبيه أكثر من ثلاثين ملكاً فبادوا وباد ذكرهم. وبقي ذكره إلى القيامة. وإنما أمسك ذكره شعره. وقال: أحسن ما مدح به الشعر قول أبي تمام حيث يقول:

ولولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة المعالي كيف تبنى المكارم

وأحسن منه:

أرى الشعر يحيي الجود والبأس بالذي ... تبقيه أرواح له عطرات

وما المجد لولا الشعر إلا معاهد ... وما الناس إلا أعظم نخرات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015