ولأبي الأسود الدؤلي:
فما كل ذي نصح بمؤتيك نصحه ... ولا كل مؤت نصحه بلبيب
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد ... فحق له من طاعة بنصيب
108 قال أحد الحكماء: ما أمحق للإيمان ولا أهتك للستر من الحسد. وذلك أن الحاسد مفنذ لحكم الله. باغ على عباده. عات على ربه. يعتد نعم الله نقماً ومزيده غبراً. وعدل قضائه حيفاً للناس حال وله حال. ليس يهدأ باله. ولا ينام جشعه. ولا ينفعه عيشه. محتقر لنعم الله عليه. متسخط ما جرت به أقداره. ولا يبرد غليله. ولا تؤمن غوائله. إن سالمته وترك. وإن واصلته قطعك. وإن صرمته سبقك. ذكر حاسد عند بعض الحكماء فقال: يا عجباً لرجل أسلكه الشيطان مهاوي الضلالة. وأورده قحم الهلكة. فصار لنعم الله تعالى المرصاد إن أنالها من أحب من عباده. أشعر قلبه الأسف على ما لم يقدر له. وأغاره الكلف بما لم يكن ليناله. قال سليمان التميمي: الحسد يضعف اليقين ويسهر العين ويكثر الهم. ولأبي العتاهية:
أيا رب إن الناس لا ينصفوني ... وكيف ولو أنصفتهم ظلموني
وإن كان لي شيء تصدوا لأخذه ... وإن جئت منهم منعوني
وإن نالهم بذلي فلا شكر عندهم ... وإن أنا لم أبذل لهم شتموني