عرف منه الشفقة. وألف منه المودة والمقة. فكان لا يبرح من مبيته. ولا يسعى لطلب قوته. فحصل له الهزال. وتغير حاله من أمر وحال. فلا عند صاحبه ما يغذيه. ولا له قوة على الاصطبار تغنيه. إلى أن عجز عن الصيد. وصار يسخر به من أراذل الفار عمرو وزيد. وكان في ذلك المكان. مأوى لرئيس الجرذان. وبجواره مخزن سمان. فاجترأ الجرذ لضعف أبي غزوان. وتمكن من نقل ما يحتاج إليه. وصار يمر على القط آمناً ويضحك عليه. إلى أن امتلأ وكره من أنواع المطاعم. وحصل له الفراغ من المخاوف والمزاحم. فاستطال على الجيران. واستعان بطوائف الفار على العدوان. وافتكر يوماً في نفسه. فكراً أداه إلى حلول رمسه. وهو أن هذا القط وإن كان عدواً قديماً. ومهلكاً عظيماً. ولكنه قد وقع في الانتحال. وضعف عن الصيد والاغتيال. وقوتي إنما هي لسبب ضعفه. وهذا الفتح إنما هو حاصل بحتفه. ولكن الدهر الغدار. ليس له على حالة استمرار. فربما يعود الدهر إليه. ويعيد صحته وعافيته عليه. فإن الزمان الدوار ينهب ويهب. ويعطي ما سلب. ويرجع فيما وهب. كل ذلك من غير موجب ولا سبب. وإذا عاد القط إلى ما كان عليه. يتذكر من غير شك إساءتي إليه فيثور قلقه. ويفور حنقه. ويأخذه للانتقام مني أرقه. فلا يقر لي معه قرار. فأضطر على التحول عن هذه الدار. والخروج عن الوطن المألوف. ومفارقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015