وليكن هذا يا سيد الجداء في أوج الحسيني. فاغتنم الجدي الفرصة وأزاح بعياطه الغصة. وصرخ صرخ أخرى. أذكر الطامة الكبرى. ورفع الصوت. كمن عاين الموت. وخرج من دائرة الحجاز إلى العراق. وكاد يحصل له من ذلك الانفتاق. وقال:
قفوا ثم انظروا حالي ... أبو مذقة أكالي
فسمعه الراعي يشدو. فأقبل بالمطرق يعدو. فلم يشعر الذئب الذاهل. وهو بحسن السماع غافل. إلا والراعي بالعصا على قفاه نازل. فرأى الذئب الغنيمة في النجاة. وأخذ في طريق الحياة. وترك الجدي وأفلت. ونجا من سيف الموت المصلت. وصعد إلى تل يتلفت. إذ تفلت. وأقعى يعض يديه ندامة. ويخاطب نفسه بالملامة. ويقول: أيها الغافل الذاهل. الأحمق الجاهل. متى كان على سماط السرحان. القبز والأوزان. وأي جد لك فان. أو أب مفسد جان. كان لا يأكل إلا بالمغاني. وعلى صوت المثالث والمثاني. فلولا أنك عدلت عن طريقة آبائك. ما فاتك لذيذ عشائك. ولا أمسيت جائعاً تتلوى. وبجمرة فوات الفرصة تتكوى. ثم بات يحرق ضرسه ونابه. ويخاطب نفسه لما نابه:
وعاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا فات عاتب القدرا
87 كان رجل فقير عنده هر رباه. وأحسن مأواه. وكان القط قد