إبائك عادة أجدادك وآبائك. فلم تتعرض لمواشيه. وحفظت بنظرك ضعاف حواشيه. وقد حصل لضعافها الشبع. وأمنت بجوارك الجوع والفزع. وحصل الأمن من الجزع. فسيجعل جوارك وغياضك أحسن مستنجع. لأن ضعاف ماشيته شبعت ورويت. وانتعشت وقويت. فأراد مكافأتك. وطلب مصادقتك ومصافاتك. فأرسلني إليك لتأكلني. وأوصاني أن أطربك بما أغني. فإني حسن الصوت في الغناء. وصوتي يزيد شهوة الغذاء. فإن اقتضى رأيك الأسعد. غنيتك غناء ينسي أبا إسحاق ومعبد. وهو شيء لم يظفر به آباؤك وأجدادك. وما يناله أعقابك وأولادك. يقوي كزمك. وشهوتك وقرمك. ويطيب مأكلك. ويسني مأملك. وإن صوتي اللذيذ. ألذ للجائع من جدي حنيذ. وخبز سميذ. وللعطشان من قدح نبيذ. فرأيك أعلى. وامتثالك أولى. فقال الذئب: لا بأس والك. فغني ما بدا لك. فرفع الجدي عقيرته. ورأى في الصراخ خيرته. وأنشد:

وعصفور الحشا يهوى جراده ... كما عشق الخروف أبو جعاده

فاهتز الذئب طرباً. وتمايل عجباً وعجبا. وقال: أحسنت يا زين الغنم. ولكن هذا الصوت في اليم. فارفع صوتك في الزير. فقد أخجلت البلابل والزرازير. وزدني يا مغني. وغن لي. ما يلي قولي:

أقر هذا الزمان عيني ... بالجمع بين المنى وبيني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015