86 حكي أنه كان في بعض الغياض لذئب وجار. وأهل وجار. فخرج يوماً لطلب صيد. ونصب لذلك شباك الكيد. وصار يجول ويصول. ولا يقع على محصول. فأثر فيه الجوع واللغوب. وأذنت الشمس للغروب. فصادف بعض الرعيان. يسوق قطيعاً من الضان. وفيها بعض جديان. فهم عليها لشدة الجوع بالهجوم. ثم أدركه من خوف الراعي الوجوم. لأنه كان متيقظاً. ومن الذئب على ماشيته متحفظاً. فجعل يراقبه من بعيد. والحرص والشره يزيد. والراعي سائق. وللذئب عائق. فتخلف جدي غبي. وغفل عنه الراعي الذكي. فأدركه الذيب النشيط. وأقطعه بأمل بسيط. وبشر نفسه بالظفر. وطار بالفرح واستبشر. فلما رأى الجدي الذيب. علم أنه أصيب بيوم عصيب. وظفر قصاب البلاء من قصبه بأوفر نصيب. فتدارك نفسه بنفسه. واستحضر حيلة جاشه وحدسه. وعلم أنه لا ينجيه من تلك الورطة الوبيلة. إلا مغيث الخداع والحيلة. وأذكره مذكر الخاطر. ما قال الشاعر:
ولكن أخو الحزم الذي ليس نازلا ... به الخطب إلا وهو للقصد مبصر
فتقدم بجأش صليب. وقبل الأرض بين يدي الذيب. وقال له محبك الراعي. لجنابك داعي. يسلم عليك. وقد أرسلني إليك. يشكر صداقتك وشفقتك. وحشمتك ومرافقتك. ويقول قد تركت بحسن