فنذكر ما أصابه ونتوجع له اهتماماً منا بأمره وحرصاً على صلاحه. ويعرض كل واحد منا نفسه عليه. فيرده الآخران ويسفه رأيه ويبين الضرر في أكله. فإذا فعلنا ذلك سلمنا كلنا ورضي الأسد عنا ففعلوا ذلك وتقدموا إلى الأسد فقال: الغراب: قد احتجت أيها الملك إلى ما يقويك. ونحن أحق أن نهب أنفسنا لك فإنا بك نعيش. فإذا هلكت فليس لأحد منا بقاء بعدك. ولا لنا في الحياة من خيرة. فليأكلني الملك فقد طبت بذلك نفساً. فأجابه الذئب وابن آوى أن اسكت. فلا خير للملك في أكلك وليس فيك شبع. قال ابن آوى: لكن أنا أشبع الملك. فليأكلني فقد رضيت بذلك وطبت عنه نفساً. فرد الذئب والغراب بقولهما له: إنك منتن قذر. قال الذئب: أنا لست كذلك. فليأكلني الملك عن طيب نفس مني وإخلاص طوية. فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: من أراد قتل نفسه. فليأكل لحم ذئب. فظن الجمل أنه إذا عرض نفسه على الأكل التمسوا له عذراً كما التمس بعضهم لبعض فيسلم ويرضى عنه الأسد. فقال: لكن أنا في للملك شبع وري. ولحمي طيب هني وبطني نظيف. فليأكلني الملك ويطعم أصحابه وحشمه. فقد سمحت بذلك طوعاً ورضا. فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وتكرم وقال ما درى. ثم إنهم وثبوا عليه ومزقوه (كليلة ودمنة)