قال الغراب: أنا أكفيكم الأسد. ثم انطلق فدخل على الأسد فقال له: هل أصبتم شيئاً. قال الغراب: إنما يصيب من يسعى ويبصر. ونحن فلا سعي لنا ولا بصر لما بنا من الجوع. ولكن قد وفقنا لرأي واجتمعنا عليه. فإن وافقنا الملك فنحن له مجيبون. قال الأسد: وما ذاك. قال الغراب: هذا الجمل آكل العشب المتمرغ بيننا من غير منفعة لنا منه ولا رد عائدة. ولا عمل يعقب مصلحة. فلما سمع الأسد ذلك. غضب وقال: ما أخطأ رأيك. وما أعجز مقالك وأبعدك من الوفاء والرحمة. وما كنت حقيقاً أن تجترئ علي بهذه المقالة وتستقبلني بهذا الخطاب. مما علمت أني قد أمنت الجمل وجعلت له من ذمتي. أو لم يبلغك أنه لم يتصدق متصدق بصدقة هي أعظم أجراً ممن أمن نفساً خائفاً وحقن دماً مهدوراً. وقد أمنته ولست بالغادر به. قال الغراب: إني لأعرف ما يقول الملك. ولكن النفس الواحدة يفتدى بها أهل المصر. وأهل المصر فدى الملك. وقد نزلت بالملك الحاجة. وأنا أجعل له من ذمته مخرجاً على أن لا يتكلف ذلك ولا يليه بنفسه ولا يأمر به أحداً. ولكنا نحتال عليه بحيلة لنا وللملك فيها صلاح وظفر. فسكت الأسد عن جواب الغراب عن هذا الخطاب. فلما عرف الغراب إقرار الأسد أتى أصحابه فقال لهم: قد كلمت الأسد في أكلة الجمل: على أن نجتمع نحن والجمل لدى حضرته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015