انطلق إلى ساحل البحر فقال له القرد: يا أخي ما حبسك عني. قال له الغيلم: ما ثبطني عنك إلا حيائي. كيف أجازيك على إحسانك إلي وإنما أريد الآن أن تتم هذا الإحسان بزيارتك لي في منزلي. فإني ساكن في جزيرة طيبة الفاكهة كثيرة الأثمار. فاركب ظهري لأسبح بك. فرغب القرد في ذلك ونزل فامتطى مطا الغيلم. حتى إذا سبح به ما سبح عرض له قبح ما أضمر في نفسه من الغدر فنكس رأسه. فقال هل القرد: مالي أراك مهتماً. فقال الغيلم: إنما همي لأني ذكرت أن قرينتي شديدة المرض. وذلك يمنعني عن كثير مما أريد أن أبلغكه من الإكرام والإلطاف. قال القرد: إن الذي أعتقد من حرصك على كرامتي يكفيك مؤونة التكلف. قال الغيلم: أجل. ومضى بالقرد ساعة ثم توقف به ثانية. فساء ظن القرجد وقال في نفسه: ما احتباس الغيلم وبطؤه إلا لأمر. ولست آمناً أن يكون قلبه قد تغير علي وحال عن مودتي فأراد بي سوءاً. فإن لا شيء أخف وأسرع تقلباً من القلب. ويقال: ينبغي للعاقل أن لا يغفل عن التماس ما في نفسه أهله وولده وإخوانه وصديقه عند كل أمر وفي كل لحظة وكلمة. وعند القيام والعقود وعلى كل حال. وإنه إذا دخل قلب الصديق من صديقه ريبة. فليأخذ بالحزم في التحفظ منه ويتفقد ذلك في لحظاته وحالاته. فإن كان ما يظن حقاً ظفر بالسلامة. وإن كان باطلاً ظفر بالحزم ولم يضره. ثم قال للغيلم: ما الذي