وغلبوهم على مملكتهم وأبادوا كثيراً منهم فدرست أخبارهم وطمست آثارهم (538) . وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقق بعلم أسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها. وهم نهجوا لأهل الشق الغربي من معمور الأرض الطريق إلى تدبير الهياكل لإظهار طبائع الكواكب بضروب التدابير المخصوصة بها. ولم يصل إلينا من مذاهب الكلدانيين في حركات النجوم ولا من أرصادهم غير الأرصاد التي نقلها عنهم بطليموس في كتاب المجسطي.
348 أما الفرس فأهل الشرق الشامخ والعز الباذخ وأوسط الأمم داراً وأشرفهم إقليماً وأسوسهم ملوكاً تجمعهم وتدفع ظالمهم عن مظلومهم. وتحملهم من الأمور على ما فيه حظهم. على اتصال ودوام. وأحسن التئام وانتظام. وخواص الفرس عناية بالغة بصناعة الطب ومعرفة ثاقبة بأحكام النجوم. وكانت لهم أرصاد قديمة وقال بعض علماء العجم: أول من ملك بعد الطوفان كيومرت من بني سام. وكان ينزل فارس واتخذ الآلات لإصلاح الطرف وحفر الأنهار وذبح ما يؤكل من الحيوان وقتل السباع. ومازال الملك في ولده إلى أن ملك دارا الذي غزاه الإسكندر وقتل في المعركة (333) . ثم ملكت الدولة الأشكانية وأولهم أشك (266 قبل المسيح) وتسمى خلفاؤه بالشاهية. ودام الملك فيهم إلى أن ظهرت المملكة