وتقولوا علي الأقاويل فلا يستحل دمي ويخرج من إيذائي وإزعاجي. ويردني مكرماً ويقيمني ببلاده معظماً مبجلاً. وإن كان قد سبق في علم الله عز وجل أنه يبدر إلي منه بادرة سوءٍ وقد حضر أجلي وكان سفك دمي على يده. فإني أحسن الظن بالله الذي خلق ورزق وأحيا وأمات. وإن الصبر والرضا والتسليم إلى من يملك الدنيا والآخرة. وقد كنت أحسب أنك تعرف هذا فإذن قد عرفت مبلغ فهمك. فإني لا أكلمك بكلمةٍ واحدةٍ حتى يفرق بيننا أمير المؤمنين إن شاء الله تعالى. ثم أعرض عني فما سمعت منه لفظة غير التسبيح أو طلب ماءٍ أو حاجةٍ حتى شارفنا الكوفة في اليوم الثالث عشر بعد الظهر والنجب قد استقبلتني قبل ستة فراسخ من الكوفة يتجسون خبري. فحين رأوني رجعوا عني متقدمين بالخبر إلى أمير المؤمنين. فانتهيت إلى الباب في آخر النهار فحططت رحلي. ودخلت على الرشيد وقبلت الأرض بين يديه ووقفت. فقال: هات ما عندك يا منارة وإياك أن تغفل منه عن لفظةٍ واحدةٍ. فسقت الحديث من أوله إلى آخره حتى انتهيت إلى ذكر الفاكهة والطعام والغسل والبخور وما حدثتني به نفسي من امتناعه. والغضب يظهر في وجه أمير المؤمنين ويتزايد. حتى انتهيت إلى فراغ الأموي من الصلاة والتفاته إلي وسؤاله عن سبب قدومي ودفعي الكتاب إليه ومبادرته إلى إحضار ولده وأهله وأصحابه وحلفه عليهم أن لا يتبعه أحدٌ