صرنا بظاهر دمشق. فابتدأ يحدثني بانبساط حتى انتهينا إلى بستانٍ حسنٍ في الغوطة فقال لي: أترى هذا. قلت: نعم. قال: إنه لي. وفيه من غرائب الأشجار كيت وكيت. ثم انتهى إلى آخر فقال مثل ذلك. ثم انتهى إلى مزارع حسانٍ وقرى فقال مثل ذلك: هذا لي. فأشتد غيظي منه. وقلت: ألست تعلم أن أمير المؤمنين أهمه أمرك حتى أرسل إليك من انتزعك من بين أهلك ومالك وولدك وأخرجك فريداً مقيداً مغلولاًُ ما تدري إلى ما يصير إليه أمرك ولا كيف يكون. وأنت فارغ القلب من هذا حتى تصف ضياعك وبساتينك بعد أن جئتك. وأنت لا تفكر فيم جئت به. وأنت ساكن القلب قليل التفكر لقد كنت عندي شيخاً فاضلاً. فقال لي مجيباً: إنا لله وإنا إليه راجعون. أخطأت فراستي فيك. لقد ظننت أنك رجلٌ كامل العقل وأنك ما حللت من الخلفاء هذا المحل إلا لما عرفوك بذلك. فإذا كلامه يشبه كلام العوام. والله المستعان. أما قولك في أمير المؤمنين وإزعاجه وإخراجه إياي إلى بابه على صورتي هذه فإني على ثقةٍ من الله عز وجل الذي بيده ناصية أمير المؤمنين. ولا يملك أمير المؤمنين لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا بإذن الله عز وجل. ولا ذنب لي عند أمير المؤمنين أخافه. وبعد فإذا عرف أمير المؤمنين أمري وعرف سلامتي وصلاح ناحيتي سرحني مكرماً. فإن الحسدة والأعداء رموني عنده بما ليس في