وصرفه إياهم ومد رجليه فقيدته. فما زال وجه الرشيد يسفر حتى انتهيت إلى ما خاطبني به عند توبيخي له لما ركبنا في المحمل فقال: صدق والله ما هذا الرجل إلا محسود على النعمة مكذوب عليه. ولعمري لقد أزعجناه وآذيناه ورعنا أهله. فبادر بنزع قيوده وأتني به. (قال) فخرجت ونزعت قيوده وأدخلته إلى الرشيد. فما هو إلا أن رآه حتى رأيت ماء الحياء يجول في وجه الرشيد. فدنا الأموي وسلم بالخلافة ووقف. فرد عليه الرشيد رداً جميلاً وأمره بالجلوس. فجلس وأقبل عليه الرشيد فسأله عن حاله. ثم قال له: بلغنا عنك فضل هيئةٍ وأمور أحببنا معها أن نراك ونسمع كلامك ونحسن إليك فاذكر حاجتك. فأجاب الأموي جواباً جميلاً وشكر ودعا ثم قال: ليس لي عند أمير المؤمنين إلا حاجةٌ واحدةٌ. فقال: مقضيةٌ فما هي. قال: يا أمير المؤمنين تردني إلى بلدي وأهلي وولدي. قال: نفعل ذلك. ولكن سل ما تحتاج إليه في مصالح جاهك ومعاشك فإن مثلك لا يخلو أن يحتاج إلى شيء من هذا. فقال: يا أمير المؤمنين عما لك منصفون وقد واستغنيت بعدلهم عن مسألتي. فأموري مستقيمةٌ وكذلك أهل بلدي
بالعدل الشامل في ظل أمير المؤمنين. فقال الرشيد: أنصرف محفوظاً إلى بلدك واكتب إلينا بأمر إن عرض لك. فودعه الأموي. فلما ولي خارجاً قال الرشيد: يا منارة أحمله من وقتك وسر به رجعاً كما جئت به حتى إذا وصلت إلى مجلسه