أقسم عليكم بأن لا يصل إلى هذا الرجل مكروه أبداً وفيكم عينٌ تطرف. ثم إنه سار إلى المنصور فدخل وسلم عليه فلم يرد عليه المنصور السلام. ثم إن المنصور قال له: يا معن أتتجرأ علي. قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال المنصور: ونعم أيضاً. وقد اشتد غضبه. فقال معنٌ: يا أمير المؤمنين كم من مرةٍ تقدم في دولتكم بلائي وحسن عنائي. وكم من مرةٍ خاطرت بدمي. أفما رأيتموني أهلاً بأن يوهب لي رجلٌ واحدٌ استجار بي بين الناس بوهمه أني عبدٌ من عبيد أمير المؤمنين وكذلك هو. فمر بما شئت ها أنا بين يديك. قال: فأطرق المنصور ساعةً ثم رقع رأسه وقد سكن ما به من الغضب وقال له: قد أجرناه لك يا معن. فقال له معنٌ: إن رأى أمير المؤمنين أن يجمع بين الأجرين فيأمر له بصلةٍ فيكون قد أحياه وأغناه. فقال المنصور: قد أمرنا له بخمسين ألف درهمٍ. فقال له معنٌ: يا أمير المؤمنين إن صلات الخلفاء على قدر جنايات الرعية. وإن ذنب الرجل عظيمٌ فأجزل صلته. قال: قد أمر ناله بمائة ألف درهم. فقال له معنٌ: عجلها يا أمير المؤمنين فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها فحملها وانصرف وأتى منزله وقال للرجل: يا رجل خذ صلتك والحق بأهلك وإياك ومخالفة الخلفاء في أمورهم بعد هذه. (للابشيهي) 329 كان ملكٌ من ملوك الفرس عظيم المملكة شديد النقمة.