ذات ليلةٍ في بعض المروج. وكانت الليلة مقمرةً. فقام يتمشى وقد مضى جزءٌ من الليلٍ. فبصر بثعلب طريحٍ وقد أخذه الهرم والإعياء وضعف عن الحركة. فوقف عنده وأخذ يتفكر في أمره ويقول: يكف يرزق هذا الحيوان المسكين وما أظن إلا أنه يموت جوعاً. فبينما هو كذلك إذا هو بأسدٍ مقبل قد افترس فريسةً فجاء حتى قرب من الثعلب. فتناول منها حتى شبع وترك بقيتها ومضى. فعند ذلك تحامل الثعلب على نفسه وأخذ يتحرك قليلاً قليلاً حتى انتهى إلى ما تركه الأسد. فأكل حتى شبع والغلام يتعجب من صنع الله في خلقه. وما ساق لهذا الحيوان العاجز من رزقه. وقال فيه نفسه: إذا كان سبحانه قد تكفل بالأرزاق فلأي شيءٍ احتمال المشاق وركوب الأسفار واقتحام الأخطار. ثم انثنى راجعاً إلى والده فأخبره الخبر وشرح له ما ثنى عزمه عن السفر. فقال له: يا بني قد أخطأت النظر إنما أردت بك أن تكون أسداً تأوي إليك الثعالب الجياع. لا أن تكون ثعلباً جائعاً تنتظر فضلة السباع. فقبل نصيحة أبيه ورجع لما كان فيه.
323 قال ابن الخريف: حدثني والدي قال: أعطيت أحمد بن حسب الدلال ثوباً وقلت: بعه لي وبين هذا العيب الذي فيه. وأريته خرقاً في الثواب. فمضى وجاء في آخرٍ النهار فدفع إلى ثمنه