وما ذاك من بغض له غير أنه ... يرجي سواها فهو يهوى انتقالها

فقال المأمون: يا غلام أعطه ألف درهم. ثم قال: هي لك في كل سنةٍ ما دام قصرنا عامر بأهله مسروراً بدولته وأنشدوا في معنى ذلك:

إذا كنت في أمرٍ فكن فيه محسناً ... فعما قليلٍ أنت ماضٍ وتاركه

(إعلام الناس للاتليدي)

الأدب يرفع الخامل

320 روي أن المأمون لم يكن من خلفاء بني العباس خليفةٌ أعلم منه في جميع العلوم. وكان له في كل أسبوعٍ يومان يجلس فيهما لمناظرة العلماء. فيجلس المناظرون من الفقهاء والمتكلمين بحضرته على طبقاتهم ومراتبهم. فبينما هو جالسٌ معهم إذ دخل في مجلسه رجلٌ غريبٌ وعليه ثيابٌ بيضٌ رثةٌ. فجلس في آخر الناس وقعد من وراء الفقهاء في مكانٍ مجهول. ثم ابتدأوا في الكلام وشرعوا في معضلات المسائل. وكان من عادتهم أنهم يديرون المسألة على أهل المجلس واحداً بعد واحدٍ. فكل من وجد زيادةً لطيفة أو نكتةً غريبةً ذكرها. فدارت المسألة إلى أن وصلت إلى ذلك الرجل الغريب. فتكلم وأجاب بجوابٍ أحسن من أجوبة الفقهاء كلهم. فأستحسن الخليفة كلامه وأمر أن يرفع من ذلك المكان إلى أعلى منه. فلما وصلت إليه المسألة الثانية أجاب بجوابٍ أحسن من الجواب الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015