عين أبصرت بقلعها

285 حكي عن بعض الشعراء أنه دخل على أحد الخلفاء فوجده جالساً وإلى جانبه جاريةُ سوداء تدعى خالصة. وعليها من الحلي وأنواع الجواهر واللآلئ مالا يوصف. فصار الشاعر يمتدحه وهو يسهو عن استماعه. فلما خرج كتب على الباب:

لقد ضاع شعري على بابكم ... كما ضاع درٌ على خالصه

فقرأه بعض حاشية الخليفة وأخبره به. فغضب لذلك وأمره بإحضار الشاعر. فلما وصل إلى الباب مسح العينين اللتين في لفظة ضاع. وأحضر بين يديه. فقال له: ما كتبت على الباب. قال: كتبت.

لقد ضاء شعري على بابكم ... كما ضاء درٌ على خالصه

فأعجبه ذلك وأنعم عليه. وخرج الشاعر وهو يقول: لله درك من شعر قلعت عيناه فأبصر (للنواحي) 286 تفاخر بعضهم على أحد الشعراء. فقال فيه الشاعر:

دهرٌ علا قدر الوضيع به ... وترى الشريف يحطه شرفه

كالبحر يرسب فيه لؤلؤه ... سفلاً وتعلو فوقه جيفه

قال آخر في هذا المعنى:

لا غرو أن فاق الدنيء أخا العلا ... في ذا الزمان وهل لذلك جاحد

فالدهر كالميزان يرفع كل ما ... هو ناقصٌ ويحط ما هو زائد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015