213 قال محمد بن عبيد الله: بعثني أبي إلى المعتمد في شيءٍ. فقال لي: اجلس. فاستعظمت ذلك. فأعاد. فاعتذرت بأن ذلك لا يجوز. فقال: يا محمد إن ترك أدبك في القبول مني خيرٌ من أدبك في خلاقي.

دخل رجلٌ من أهل الشام على أبي جعفرٍ المنصور فاستحسن لفظه وأدبه. فقال له: سل حاجتك. فقال: يبقيك الله يا أمير المؤمنين ويزيد في سلطانك. فقال: سل حاجتك فليس في كل وقتٍ يمكن أن يؤمر لك بذلك. فقال: ولم يا أمير المؤمنين فو الله ما أخاف بخلك. ولا أستقصر أجلك. ولا أغتنم مالك. وإن عطاءك لزينٌ. وما بامرئٍ بذل وجهه إليك نقصٌ ولا شينٌ. فأعجب المنصور كلامه. وأثنى عليه في أدبه ووصله.

214 وقف الأحنف بن قيسٍ ومحمد بن الأشعث بباب معاوية فأذن للأحنف ثم لمحمد بن أشعث. فأسرع محمدٌ في مشية حتى دخل قبل الأحنف. فلما رآه معاوية. قال له: إني والله ما أذنت له قبلك وأنا أريد أن تدخل قبله. وإنا كما نلي أموركم كذلك نلي أدبكم. وما تزيد متزيدٌ إلا لنقص يجده من نفسه (للمستعصمي) ومن الأدب ألا تنتاب صاحباً فتثقل عليه. قال الثعالبي:

عليك بإقلال الزيارة إنها ... إذا كثرت كانت إلى الهجر مسكا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015