أحلام نومٍ أو كظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع
34 إن سليمان بن عبد الملك لبس أفخر ثيابه ومس أطيب طيبه ونظر في مرآة فأعجبته نفسه وقال: أنا الملك الشاب. وخرج إلى الجمعة وقال لجاريته: كيف ترين. فقالت:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان
ليس فيما بدا لنا منك عيبٌ ... عابه الناس غير أنك فان
فأعرض بوجهه ثم خرج وصعد النبر وصوته يسمع آخر المسجد. ثم ركبته الحمى فلم يزل صوته ينقص حتى لم يسمعه من حوله. فصلى ورجع فلم تدر عليه الجمعة الأخرى إلا وهو في قبره.
أنشد القاضي أبو العباس الجرجاني هذه الأبيات:
بالله ربك كم قصر مررت به ... قد كان يعمر بالذات والطرب
طارت عقاب المنايا في جوانبه ... فصاح من بعده بالويل والحرب
اعمل وكن طالباً للرزق في دعةٍ ... فلا وربك ما الأرزاق بالطلب
وأنشد أيضاً:
أيها الرابع البناء رويداً ... لن تذود المنون عنك المباني
إن هذا البناء يبقى وتفنى ... كل شيءٍ أبقى من الإنسان
قال بعض الحكماء: أيها الناس إن الأيام تطوى. والأعمار تفنى. والأبدان في الثرى تبلى. وإن الليل والنهار يتراكضان تراكض البريد. يقربان كل بيعدٍ. ويخلقان كل جديد. (للطرطوشي)