بقيت للأول لم تنتقل للآخر. يا أيها الرجل لو كانت الدنيا كلها ذهباً وفضةً ثم سلمت عليك بالخلافة وألقت إليك مقاليدها وأفلاذ كبدها ثم كنت طريدة للموت ما كان ينبغي لك أن تتهنأ بعيشٍ. لا فخر فيما يزول ولا غنى فيما يفنى.

33 قال مالك بن أنسٍ: ركب ملكٌ يوماً في ري عظيم فتشرف له الناس ينظرون إليه أفواجاً حتى مر برجل يعمل شيئاً مكباً عليه لا يلتفت إليه ولا يرفع رأسه. فوقف الملك عليه وقال: كل الناس ينظرون إلي إلا أنت. فقال الرجل: إني رأيت ملكا مثلك وكان على هذه القرية فمات هو ومسكينٌ فدفن إلى جانبه في يوم واحدٍ وكنا نعرفهما في الدنيا بأجسادهما. ثم كنا نعرفهما بقبريهما. ثم نسفت الريح قبريهما وكشفت عنهما فاختلطت عظامهما فلم أعرف الملك من المسكين. فلذلك أقبلت على عملي وتركت النظر إليك. وقد قيل في المعنى:

وحقك لو كشفت الترب عنهم ... لما عرف الغني من الفقير

ولا من كان يلبس ثوب شعرٍ ... ولا البدن المنعم بالحرير

قال التهامي:

وإنا لفي الدنيا كركب سفينةٍ ... نظن وقوفاً والزمان بنا يجري

وقال الآخر:

لا تخدعنك بعد طول تجارب ... دنيا تغر بوصلها وستقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015