أتبني بناء الخالدين وإنما ... مقامك فيها لو عقلت قليل
قد كان في ظل الأراك كفايةٌ ... لمن كان يوماً يقتضيه رحيل
فلم يلبث بعدها إلا يسيراً حتى قضى نحبه. (للطرطوشي) قال بعض الأكابر في مرض موته من قصيدةٍ:
نمضي كما مضت القبائل قبلنا ... لسنا بأول من دعاه الداعي
تبقى النجوم دوائر أفلاكها ... والأرض فيها كل يومٍ ناع
وزخارف الدنيا يجوز خداعها ... أبداً على الأبصار والأسماع
30 لما دخل أبو الدرداء الشام قال: يا أهل الشام اسمعوا قول أخٍ لكم ناصحٍ. فاجتمعوا عليه فقال: مالي أراكم تبنون ما لا تسكنون. وتجمعون ما لا تأكلون. وتقولون ما لا تدركون. إن الذين كانوا قبلكم بنوا مشيداً. أملوا بعيداً. وجمعوا كثيراً. فأصبح أملهم غروراً. وجمعهم بوراً. ومساكنهم قبوراً وروى الجاحظ قال: وجد مكتوباً على حجرٍ: ابن آدم. لو رأيت يسير ما بقي من أجلك. لزهدت في طول ما ترجو من أملك. ولرغبت في الزيادة من عملك ولقصرت عن حرصك وميلك. وإنما يلقاك غداً ندمك. وقد زلت بك قدمك. وأسلمك أهلك وحشمك. وتبرأ منك القريب. وانصرف عنك الحبيب. فلا أنت في عملك زائدٌ. ولا إلى أهلك عائدٌ. (للطرطوشي)