صلاح الدين وصدوه عن حلب. وأرسل كمشتكين إلى سنان مقدم الإسماعيلية أموالا عظيمة ليقتلوا صلاح الدين فأرسل سنان جماعة فوثبوا على صلاح الدين فقتلوا غيره. فرحل صلاح الدين عن حلب بسبب نزول الفرنج على حمص فاسترجعها. وملك بعلبك ثم سار إلى ملاقاة سيف الدين فصدق عليه الحملة. فانهزم سيف الدين وغنم سواده ومخلفه واتبع عساكر حلب حتى أخرجهم منها. وقطع صلاح الدين حينئذ الخطبة للملك الصالح وأزال اسمه عن السكة واستبد بالسلطنة. ورحل عن حلب سنة 570 هجري ثم سار إلى بلد الإسماعيلية فنهب بلدهم وخربه وأحرقه. ثم أتم مسيره إلى مصر فأمر ببناء السور الدائر على مصر والقاهرة والقلعة التي على جبل المقطم. ثم أمر ببناء المدرسة الشافعية. ولما دخلت سنة 573 هجري سار صلاح الدين من مصر إلى ساحل الشام لغزو الفرنج فوصل إلى عسقلان. فاكتسح أعمالها ولم ير للفرنج خبرا فانساح في البلاد وانقلب إلى الرملة. فما راعه إلا الفرنج مقبلين في جموعهم وأبطالهم وقد افترق أصحاب صلاح الدين في السرايا فتمت الهزيمة على المسلمين وقاربت حملات الفرنج السطان فمضى منهزما إلى مصر على البرية في قل قليل ولحقهم الجهد والعطش ودخل القاهرة. وأخذت الفرنج العسكر الذين كانوا يتفرقون في الإغارات أسرى. فكان وهنا عظيما جبره الله بوقعة حطين (1169 م) . فطمع الفرنج بسبب بعد السطان بمصر وهزيمته فهجموا على بلاد حماة وحارم وعاثوا فيها إلى أن صانعهم المسلمون بالمال فرحلوا عنها. وفي سنة 576 هجري توفي سيف الدين غازي صاحب الموصل والجزيرة وله من العمر ثلاثون سنة وكان حسن الصورة مليح الشباب تام القامة أبيض اللون عاقلا عادلا عفيفا من أموال الرعية مع شح كان فيه. ثم توفي بعده الملك الصالح بن نور الدين صاحب حلب. فسار صلاح الدين من مصر واستخلف فيه ابن أخيه. ثم أغار على بيروت وسواحل الشام وانقلب إلى الجزيرة وملك الرها والرقة وماردين ونصيبين وحصر الموصل وأقام عليها منجنيقا. ثم علم أن حصارها يطول فأقلع عنها واحتل مدينة حلب واقطعها أخاه الملك العادل. ثم سار إلى الكرك وضيق مخنقها فجمعت الفرنج فارسها وراجلها فلم يتمكن السلطان فتحها. فسار إلى نابلس وأحرقها ونهب ما بتلك النواحي وقتل وأسر وسبى ثم عاد إلى دمشق. فلم يلبث أن خرج ثانياً إلى حصار الموصل فلم ينل منها بغيته واستقر الصلح بينه وبين صاحب الموصل بأن يسلم صاحب الموصل إلى السلطان شهرزور وأعمالها وأن يخطب له ويضرب اسمه على الدراهم. فانحرف عن الموصل وأقام بحران مريضا واشتد به المرض حتى أيسوا منه ثم أنه عوفي وعاد إلى دمشق (لأبي الفداء وابن خلدون)
وكان بقدوين الرابع ملك القدس قد مات بالشام (1185 م) وأوصى بالملك لابن أخيه صغيرا فكفله أرناط صاحب طرابلس. فقام أرناط بتدبير الملك وكان من أعظم الفرنج.