ملكه السلجوقية. ثم طمع فيه أهل مصر فاستولوا عليه فصار أمر المقدس في يد خليفة مصر. فاستناب عليها افتخار الدولة الذي كان بدمشق فقصده الفرنج وحاصروه أربعين ليلة ونصبوا على المدينة برجين وملكوها من الجانب الشمالي وركب الناس السيف فاحصي القتلى فكانوا سبعين ألفاً أو يزيد. وغنموا من المدينة ما لا يقع عليه الإحصاء وجاء الصريخ إلى بغداد صحبة القاضي أبي سعيد الهروي فكثر البكاء والأسف. وقال في ذلك المظفر الأبيوردي:

مزجنا دماء بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضة للمراجم

وشر سلاح المرء دمع يفيضه ... إذا الحرب شبت نارها بالصوارم

وكيف تنام العين ملء جفونها ... على هفوات أيقظت كل نائم

وإخواننا بالشام أضحى مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم

يسومهم الروم الهوان وأنتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

أترضى صناديد الأعارب بالأذى ... وتغضي على ذل كماة العاجم

فليتهم إذ لم يذودوا حمية ... على الدين ضنوا غيرة بالمحارم

ملك غدفريد (1099 م) وبقدوين الأول (1100 م)

وتمكن الفرنج من البلاد وولا على بيت المقدس غفريد من ملوكهم. ولما بلغ خبر الواقعة إلى مصر جمع الأفضل الجيوش والعساكر واحتشد وسار إلى عسقلان وأرسل إلى الفرنج بالتكبر والتهديد. فأعادوا الجواب ورحلوا مسرعين فكسبوه بعسقلان على غير أهبة فهزموه واستلحموا المسلمين ونهبوا سوادهم. ونازل الفرنج عسقلان حتى مانع أهلها الفرنج بعشرين ألف دينار وعادوا إلى القدس. ثم أتموا الفتح واستولى تنكري على طبرية وتقلد عليها الإمارة ثم افتتح حصن حيفا. وكانت وفاة غفريد سنة ثلاثة وتسعين وأربعمائة.

وقام بالأمر بعده أخوه بقدوين صاحب الرها. وسار في ملك الفرنج إلى سروج وقيسارية فملكوها عنوة (1100 م) وملكوا أرسوف بالأمان. وفي سنة 495 للهجرة سار ضجيل (ريموند) إلى طرابلس وشد حصارها وأعانه أهل الجبل والنصارى من أهل سوادها. ثم صالحوه على مال وخيل ورحل عنهم إلى أنطرسوس من أعمال طرابلس فحاصرها وملكها عنوة. ثم رحل إلى حمص ونازلها وملك أعمالها. ثم استفحل أمر الفرنج بالشام وندب بقدوين جمعا كثيرا ممن سار إلى زيارة القدس للغزو فأغاروا على عكا وقيسارية واكتسحوا نواحيها. وفي سنة 497 هجري وصلت مراكب من بلاد الفرنج تحمل خلقا كثيرا من التجار والحجاج فاستعان بهم ضجيل على حصار طرابلس فحاصروها برا وبحرا حتى يئسوا منها فارتحلوا إلى جبيل وملكوها بالأمان. ثم سير الأفضل صاحب مصر عسكرا ضخما إلى قهر الفرنج فملكوا الرملة واستنجدهم صاحب عسقلان وطغركين أتابك صاحب دمشق فقصدهم بقدوين فاقتتلوا وكثرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015