الباب الثالث عشر في التاريخ

أخبار الفرنج فيما ملكوا من سواحل الشام وثغوره وكيف تغلبوا عليه وبداية أمرهم في

أخبار الفرنج فيما ملكوا من سواحل الشام وثغوره وكيف تغلبوا عليه وبداية أمرهم في ذلك ومصايره

الزحفة الأولى (1091 - 1099 م)

كانت دولة الفرنسيين من أعظم دول الفرنج واستفحل أمرهم بعد الروم. وكان مبتدأ خروجهم سنة تسعين وأربعمائة (1087 م) فتجهزوا لذلك. وكان ملوكهم الحاضرون بقدوين والقمص (ريموند) وغفريد وبويموند. فجعلوا طريقهم في البر على القسطنطينية فمنعهم ملك الروم (ألكسيس) من العبور عليه من الخليج حتى شرط عليهم أن يسلموا له أنطاكية لكون المسلمين كانوا أخذوها من مماليكهم فقبلوا شرطه وسهل لهم العبور في خليجه. فأجازوا في العدد العدة وانتهوا إلى بلاد قليج أرسلان صاحب قونية فجمع للقائهم فهزموه. ثم ساروا إلى إنطاكية وبها باغيسيان من أمراء السلجوقية فأخذوها عنوة ووضعوا السيف في المسلمين الذين بها ونهبوا أموالهم. وقتل باغيسيان وحمل رأسه إليهم وردوا أمر المدينة إلى بويموند (1099م) . فلما سمع كربوقا صاحب الموصل بحال الفرنج وملكهم إنطاكية جمع العساكر وسار إلى الشام في كثير من الأمراء والقواد فزحفوا إلى إنطاكية وحاصروها ثلاثة عشر يوماً. فوهن الفرنج واشتد عليهم الحصار لما جاءهم على غير استعداد وطلبوا الخروج على الأمان فامتنع كربوقا. ثم أن كربوقا أساء السيرة فيمن اجتمع معه من الملوك والأمراء فخبثت نياتهم عليه. وكان مع الفرنج راهب مطاع فيهم فقال لهم: إن زج الحربة التي طعن بها المسيح مدفونة بكنيسة الفتيان فإن وجدتموها فإنكم تظفرون. وأمرهم بالصوم والتوبة ففعلوا ذلك ثلاثة أيام. فلما كان اليوم الرابع أدخلهم الموضع فحفروا عليها جميع الأماكن فوجدوها كما ذكر. فقال لهم: أبشروا بالظفر. فقويت عزيمتهم وخرجوا اليوم الخامس. فلما تكاملوا ولم يبق بإنطاكية أحد منهم ضربوا مصافاً عظيماً فولى المسلمون منهزمين فقتل الفرنج منهم ألوفا وغنموا ما في العسكر من الأقوات والأموال والدواب والأسلحة فصلحت حالهم وعادت إليهم قوتهم. وساروا إلى معرة النعمان فملكوها وزحفوا إلى حمص فصالحهم أهلها واستولى بقدوين على مدينة الرها وملطية فملكها. ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة فسار الفرنج إلى البيت المقدس وكان بيت المقدس قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015