غير أني رددت برك إذ كا ... ن ربا منك والربا لا يحل
وإذا ما جزيت شعرا بشعر ... قضي الحق والدنانير فضل
فلما عادت الدنانير إليه حل الصرة وضم إليها خمسين دينارا أخرى وحلف أنه لا يردها عليه وسيرها فلما وصلت البحتري أنشأ يقول:
شكرتك أن الشكر للعبد نعمة ... ومن يشكر المعروف فالله زائده
لكل زمان واحد يقتدى به ... وهذا زمان أنت لا شك واحده (الأغاني)
هو أبو الفتح علي بن محمد الكاتب البستي الشاعر المشهور صاحب الطريقة الأنيقة والتجنيس الأنيس. البديع التأسيس. وكان في عنفوان أمره كاتبا لباتيوز صاحب بست. فلما افتتحها الأمير ناصر الدولة أبو منصور سبكتكين أراد أبو الفتح أن يتنحى عن الخدمة فدل عليه فاستحضره وفوض إليه مهمات ديوانه مع كون بايتوز في قيد الحياة. فأشفق من سعي حساده فطلب أن يعتزل في بعض أطراف المملكة حتى تسكن الفتنة ويستقر الأمر فأجيب إلى طلبه وأشار عليه بناحية الرخج. فبقي فيها حتى استدعاه السلطان. المعظم يمين الدولة محمود بن سبكتكين وقد كتب له عدة فتوح. فبقي عنده إلى أن زحزحه القضاء عن خدمته ونبذه إلى ديار الترك فانتقل بها إلى جوار ربه. وله نثر رائق بديع وفصول قصار تجري مجرى الأمثال.
أبو الفضل زهير المقلب بهاء الدين الكاتب من فضلاء عصره وأحسنهم نظما ونثرا وخطا ومن أكبرهم مروءة. كان قد اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح نجم الدين بن الملك الكامل بالديار المصرية. وتوجه في خدمته إلى البلاد الشرقية. وأقام بها إلى أن ملك الملك الصالح مدينة دمشق فانتقل إليها في خدمته. وأقام كذلك إلى أن جرت الكائنة المشهورة على الملك الصالح. وخرجت عنه دمشق وخانه عسكره وهو على نابلس وتفرق عنه. وقبض عليه ابن عمه الملك الناصر داود صاحب الكرك واعتقله بقلعة الكرك. فأقام بهاء الدين زهير وملك الديار المصرية. وقدم إليها بهاء سنة سبع وثلاثين وستمائة فاجتمعت به ورأيت فوق ما سمعت عنه من مكارم الأخلاق وكثرة الرياضة ودماثة السجايا. وكان متمكنا من صاحبه كبير القدر عنده لا يطلع على سره الخفي غيره. ومع هذا كله فإنه كان لا يتوسط عنده إلا بالخير. ونفع خلقا كثيرا بحسن وساطته وجميل سفارته وأنشدني كثيرا من شعره. وديوانه كثير الوجود بأيدي الناس. وله شعر جيد. فمن ذلك ما قاله وقد غرقت به سفينة فسلم