أيوب واتصل بالملك الأشرف موسى وكتب له الإنشاء. فحبر حلل البراعة ووشى. وأطرب المسامع وأنشا. ومدحه بقصائد نظم بها في جيد الدهر اللآلي. وخلد ذكره في صحائف الأيام والليالي. وله الديوان المشهور انتخبه من نتائج فكره. ونفثات سحره. لأنه كان ينتقي الدرة الفريدة وأختها. ويتحرى النادرة الشاردة ليثبتها. وسكن ابن النبيه نصيبين الشروق وتوفي بها.
قال الصولي: كان أبوه نصرانيا. وكان وأحد عصره في ديباجة لفظه وبضاعة شعره وحسن أسلوبه. ولك كتاب الحماسة التي دلت على غزارة فضله. وإتقان معرفته بحسن اختياره. وله مجموع آخر سماه (فحول الشعراء) جمع فيه بين طائفة كبيرة من شعراء الجاهلية والمخضرمين والإسلاميين. وكان له من المحفوظات ما لا يلحقه فيه غيره. قيل أنه كان يحفظ أربعة آلاف أرجوزة للعرب. غير القصائد والمقاطع. ومدح الخلفاء وأخذ جوائزهم. وجاب البصرة. وقال العلماء: خرج من قبيلة طي ثلاثة كل واحد مجيد في بابه حاتم الطائي في جوده. وداود بن نصير الطائي في زهده. وأبو تمام حبيب بن أوس الطائي في شعره. وأخباره كثيرة ورأيت الناس يطبقون على أنه مدح الخليفة بقصيدته السنية فلما انتهى فيها قوله:
إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس
قال الوزير أتشبه أمير المؤمنين بأجلاف العرب فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وأنشد يقول:
لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلا شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره ... مثلا من المشكاة والنبراس
فقال الوزير للخليفة: أي شيء طلبه فاعطه. وذكر الصولي أن أبا تمام لما مدح محمد بن عبد الملك الزيات الوزير بقصيدته التي منها قوله:
ذيمة سمحة القياد سكوب ... مستغيث بها الثرى المكروب
لو سمعت بقعة لا عظام أخرى ... لسعى نحوها المكان الجديب
قال له ابن الزيات: يا أبا تمام إنك لتحلي شعرك من جواهر لفظك وبديع معانيك ما يزيد حسنا على بهي الجواهر في أجياد الكواعب. وما يدخر لك شيء من جزيل المكافأة إلا ويقصر عن شعرك في الموازاة. ورثاه الحسن بن وهب بقوله:
فجع القريض بخاتم الشعراء ... وغدير روضته حبيب الطائي
ماتا معا فتجاورا في حفرة ... وكذاك كانا قبل في الأحياء
هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم العنزي المعروف بأبي العتاهية الشاعر المشهور مولده