إذا عينان في رأس قبيح ... كرأس الهر مشقوق اللسان

وساقا مخدج وشواة كلب ... وثوب من عباء أو شنان

ومن أخباره أنه كان يشتار عسلا من غار من بلاد هذيل يأتيه كل عام. وإن هذيلاً ذكرته فرصدوه لإبان ذلك حتى إذا جاء هو وأصحابه تدلى فدخل الغار وقد أغاروا عليهم. فانفروهم وسبقوهم ووقفوا على الغار. فحركوا الحبل فأطلع تأبط شرا رأسه. فقالوا: اصعد. فقال: لا أراكم. قالوا: بلى قد رأيتنا. فقال: فعلام اصعد أعلى الطلاقة أو الفداء. قالوا: لا شرط لك. قال: فأراكم قاتلي وآكلي جنادئي. لا والله لا أفعل. قال: وكان قبل ذلك نقب في الغار نقبا أعده للهرب. قال: فجعل يسيل العسل من الغار ويهريقه ثم عمد إلى الزق فشده على صدره ثم لصق بالعسل. فلم يبرح يتزلق عليه حتى خرج سليما. وفاتهم موضعه الذي وقع فيه وبين القوم مسيرة ثلاث. فقال تأبط شرا في ذلك:

أقول للحيان وقد صفرت لهم ... وطابي ويومي ضيق الحجر معور

لكم خصلة إما فداء ومنة ... وإما دما والقتل بالحر أجدر

وأخرى أصادي النفس عنها وإنها ... لمورد حزم إن ظفرت ومصدر

فرشت لها صدري فزل عن الصفا ... بد جؤجؤ صلب ومتن مخصر

فخالط سهل الأرض لم يلدح الصفا ... به كدحة خزيان والموت ينظر

فأبت إلى فهم وما كنت آئبا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر

إذا المرء لم يحتل وقد جد جده ... أضاع وقاسى أمره وهو مدبر

ولكن أخو الحزم الذي ليس نازلا ... بد الأمر إلا وهو للحزم مبصر

فذاك قريع الدهر ما كان حولا ... إذا سد منه منخر جاش منخر

فإنك لو قايست بالصب حيلتي ... بلحيان لم يقصر بي الدهر مقصر

وكان تأبط شراً أعدى ذي رجلين وذي ساقين وذي عينين. وكان إذا جاع لم تقم له قائمة فكان ينظر إلى الظباء فينتقي على نظره أسمنها. ثم يجري خلفه فلا يفوته حتى يأخذه فيذبحه بسيفه فيشويه ثم يأكله. وقيل إن تأبط شرا لقي ذات يوم رجلا من ثقيف يقال له أو وهب كان جبانا أهوج وعليه حلة جيدة. فقال أبو وهب لتأبط شرا: بم تغلب الرجال يا ثابت وأنت كما أرى دميم ضئيل. قال: باسمي. إنما أقول ساعة ما ألقى الرجل: أنا تأبط شرا فينخلع قبله حتى أنال منه ما أردت. فقال له الثقفي: فهل لك إن أن تبيعني اسمك. قال: نعم. قال: فبم تبتاعه. قال: بهذه الحلة وبكنيتي. قال له: افعل ففعل. وقال له تأبط شرا: لك اسمي ولي كنيتك. وأخذ حلته وأعطاه طمريه ثم انصرف. وقال في ذلك يخاطب زوجة الثقفي:

ألا هل أتى الحسناء أن حليلها ... تأبط شرا وأكتنيت أبا وهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015