الباب الثاني عشر في التراجم

شعراء الجاهلية

أعشى قيس (629 م)

هو ميمون بن قيس بن جندل ويكنى أبا بصير وهو واحد من أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم. تقدم على سائرهم وليس ذلك بمجمع عليه لا فيه ولا في غيره. وكان قوم يقدمون الأعشى على سائر الشعراء فيحتجون بكثرة تصرفه في المديح والهجو وسائر فنون الشعر وليس ذلك لغيره. ويقال أنه أول من سأل بشعره وانتجع به أقاصي البلاد. وكان يغني في شعره فكانت العرب تسميه صناجة العرب. ومن أخباره أنه أتى الأسود العنسي وقد امتدحه فاستبطأ جائزته. فقال الأسود: ليس عندنا عين ولكن نعطيك عرضا. فأعطاه خمسمائة مثقال دهنا وبخمسمائة حللا وعنبرا. فلما مر ببلاد بني عامر خافهم على ما معه فأتى علقمة بن علاثة. فقال له: أجرني. فقال: قد أجرتك. قال: من الجن والإنس. قال نعم. قال ومن الموت. قال: لا. فأتى عامر بن الطفيل. فقال: أجرني. فقال قد أجرتك. قال: من الجن والإنس. قال: نعم. قال: ومن الموت. قال: نعم. قال: وكيف تجيرني من الموت. قال: إن مت وأنت في جواري بعثت إلى أهلك الدية. فقال: الآن علمت أنك قد أجرتني من الموت. فمدح عامراً وهجا علقمة. فقال علقمة: لو علمت الذي أراد كنت أعطيته إياه. ويخبر عن الأعشى أنه لما ظهر الإسلام وفد على محمد بقصيدة. فبلغ خبره قريشا فرصدوه على طريقه وقالوا: هذا صناجة العرب ما مدح أحدا قط إلا رفع من قدره. فلما ورد عليهم قالوا له: أين أردت يا أبا بصير. قال: أردت صاحبكم هذا لسلم. قالوا: غنه ينهاك عن خلل ويحرمها عليك. وكلها بك رفق ولك موافق. قال: وما هن. فقال أبو سفيان بن حرب: القمار. قال: لعلي أن لقيته أن أصيب منه عوضا من القمار. ثم ماذا. قالوا: الربا. قال: ما دنت ولا أدنت. ثم ماذا. قالوا: الخمر. قال: أوه ارجع إلى صبابة قد بقيت لي في المهراس فأشربها. فقال له أبو سفيان: هل لك في خير مما هممت به. قال: وما هو. قال: نحن وهو الآن في هدنة فتأخذ مائة من الإبل وترجع إلى بلدك سنتك هذه وتنظر ما يصير إليه أمرنا فإن ظهرنا عليه كنت قد أخذت خلفا وإن ظهر علينا أتيته. فقال: ما أكره ذلك. فقال أبو سفيان: يا معشر قريش هذا الأعشى والله لئن أتى محمدا ليضرمن عليكم نيران العرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015