أمسى عماد الدين بعد علومه ... ولطبه عما عراه قصور
وإذا القضاء جرى بأمر نافذ ... غلط الطبيب وأخطأ التدبير
إن لمت صرف الدهر فيه أجابني ... أبت النهى أن يعتب المقدور
أو قلت أين ترى المؤيد قال لي ... أين المظفر قبل والمنصور
أم أين كسرى ازردشير وقيصر ... والهرمزان وقبلهم سابور
أين ابن داود سليمان الذي ... كانت بجحفله الجبال تمور
والريح تجري حيث شاء بأمره ... منقادة وبه البساط يسير
فتكت بهم أيدي المنون ولم تزل ... خيل المنون على الأنام تغير
لو كان يخلد بالفضائل ماجد ... ما ضممت الرسل الكرام قبور
كل يصير إلى البلى فأجبته ... إني أعلم واللبيب خبير
فصبرا معين الملك إن عن حادث ... فعاقبة الصبر الجميل جميل
ولا تيأسن من صنع ربك له ... ضمين بأن الله سوف يديل
فإن الليالي إذ يزول نعيمها ... تبشر أن النائبات تزول
ألم تر أن الليل بعد ظلامه ... عليه لإسفار الصباح دليل
ألم تر أن الشمس بعد كسوفها ... لها صفحة تغشى العيون صقيل
وأن الهلال النضو يقمر بعد ما ... بدا وهو شخت الجانبين ضئيل
فقد يعطف الدهر الأبي عنانه ... فيشفى عليل أو يبل غليل
ويرتاش مقصوص الجناحين بعد ما ... تساقط ريش واستطار نسيل
ويستأنف الغصن السليب نضاره ... فيورق ما لم يعتوره ذبول
وللنجم من بعد الرجوع استقامة ... وللحظ من بعد الذهاب قفول
وبعض الروايا يوجب الشكر وقفها ... عليك وأحداث الزمان نكول
ولا غرو أن أخنت عليك فإنما ... يصادم بالخطب الجليل جليل
وأي قناة لم ترنح كعوبها ... وأي حسام لم تصبه فلول
أسأت إلى الأيام حتى وترتها ... فعندك أضغان لها وتبول
وصارمتها فيما أرادت صروفها ... ولولاك كانت تنتحي وتصول
وما أنت إلا السيف يسكن غمده ... ليشقى به يوم النزال قتيل
وما لك بالصديق يوسف أسوة ... فتحمل وطء الدهر وهو ثقيل
وما غض منك الحبس والذكر سائل ... طليق له في الخافقين زميل