الأمرين حزمه. ولم يدع أن يوطن نفسه على النازلة قبل نزولها. ويأخذ الأهبة للحالة قبل حلولها. وأن يجاور الخير بالشكر. ويساور المحنة بالصبر. فيتخير فائدة الأولى عاجلا. ويستمرئ عائدة الأخرى آجلا. وقد نفذ من قضاء الله في المولى الجليل قدرا. الحديث سناما أرمض واقض. وأقلق وأمض. ومسني من التألم له ما يحق على مثلي ممن توالت أيدي الرئيس إليه. ووجبت مشاركته في الملم عليه. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وعند الله نحتسبه غصنا ذوى. وشهابا خبا. وفرعا دل على أصله. وخطيا أنبته وشيجه. وإياه نسأل أن يجعله للرئيس فردا صالحا وذخرا عتيدا. وأن ينفعه يوم الدين حيث لا ينفع إلا مثله بين البنين بجوده ومجده. ولئن كان المصاب به عظيماً. والحادث فيه جسيما. لقد أحسن الله إليه. وإلى الرئيس فيه. أما إليه. فإن الله نزهه باحترام. عن اقتراف الآثام. وصانه بالاختصار. عن ملابسة الأوزار. فورد دنياه رشيدا. وصدر عنها سعيدا. نقي الصحيفة من سواد الذنوب. بريء الساحة من درن العيوب. لم تدنه الحرائر. ولم تعلق به الصغائر والكبائر. قد رفع الله عنه دقيق الحساب. واسهم له الثواب مع أهل الصواب. وألحقه بالصديقين الفاضلين في المعاد. وبوأه حيث فضلهم من غير سعي واجتهاد. وأما الرئيس فإن الله لما اختار ذلك قبضة قبل رؤيته وقبل معانيه على الحالة التي يكون مها رقة. التي تتضاعف عندها الحرقة. وحماه من فتنة المرافقة. ليرفعه عن جزع المفارقة. وكان هو المبقى في دنياه. والواجب الماضي الذخيرة لأخراه. وقد قيل إن تسلم الحلة فالسخل هدر. وعزيز علي أن أقول المهون للمر من بعده ولا أوفي التوجه عليه. واجب فقده فهو له سلالة ومنه بضعة. ولكت ذلك طريق التسلية. وسبيل التعزية. والمنهج المسلوك في مخاطبة مثله ممن يقبل منفعة الذكرى وإن أغناه الاستبصار. ولا يأبي ورود الموعظة وإن كفاه الاعتبار. والله تعالى يقي الرئيس المصائب. ويعيده من النوائب. ويرعاه بعينه التي لا تنام. ويجعله في حماه الذي لا يرام. ويبقيه موفورا عير منتقص. يقدمنا إلى السوء أمامه. وإلى المحذور قدامه. ويبدأ بي من بينهم في هذه الدعوة. إذ كنت أراها من أسعد أحوالي. وأعدها من أبلغ أماني وآمالي (للقيرواني)
لقد عاش أخوك نبيه الذكر. جليل القدر. عبق الثناء والنشر. يتجمل به أهل بلده. ويتباهى بمكانه ذوو مودته. ويفتخر الأثر وحاملوه بتراخي بقائه ومدته. حتى إذا تسنم ذروة الفضائل والمناقب. وظهرت محاسنه كالنجوم الثواقب. اختطفته يد المقدار. ومحت أثره بين الآثار. فالفضل خاشع الطرف لفقده. والكرم خالي الربع من بعده. والحديث يندب حاله ودرسه. وحسن العهد يبكي كافله وحارسه.