من الغمم. وضروب متفاوتة الدرج. بحسب ما تفنيه من المهج. فأعظمها إيلاما للقلوب. وإضراماً للكروب. وإستجلابا للواعج الغموم. وإيجابا للوازم الحزن على العموم. رزء تساهم فيه الأنام. وأظلمت ليومه الأيام. وكان في معاهد الخلافة ناجما. وعلى سده الإمامة المقدسة هاجما. كالفجيعة بطود الدين الشامخ. ودوحة المجد الباذخ. وبحر الكرم الزاخر. وقبلة الماثر والمفاخر. واها هو خطب كاد يشيب منه الأطفال. وتنشق الأرض وتخر الجبال. غير أن الله جلت أسماؤه. وتعاظم علاؤه. نظر لأصناف عبيده. ومن على أهل توحيده. باستخلاف المسترشد بالله. ولولا هذه المنحة التي انتاشت الدين. وجبرت مصاب المسلمين. لفسدت الأرض. ولكن الله ذو الفضل على العالمين. نشر الله في الخافقين أعلام دولته. وحلى تواريخ السير بمناقب سيرته. وحقق آمال المستشفعين والمستضعفين في إسعافه ونصرته. قد التزم الخادم من شرائط هذين الأمرين المقدورين. والمقامين المشهورين. ما يلتزمه المباهي بإخلاص الطاعة. المتناهي في الخدمة المستطاعة.
يا أيها الملك العلي العظم ... اقطع وريدي كل باغ ينئم
واحسم بسيفك داء كل منافق ... يبدي الجميل وضد ذلك يكتم
لا تحقرن من الكلام قليله ... إن الكلام له سيوف تكلم
فاحسم دواعي كل شر دونه ... فالداء يسري إن غدا لا يحسم
كل سقط زند قد نما حتى غدا ... بركان نار كل شيء يحطم
وكذلك السيل الجحاف فإنما ... أولاه طل ثم وبل يسجم
واذكر صنيع أبيك أول مرة ... في كل متهم فإنك تعلم
لم يبق منهم من توقع شره ... فصفت له الدنيا ولذ الطعم
فعلى م تنكل عن صنيع مثله ... ولأنت أمضى في الخطوب وأشهم
وجنانك الثبت الذي لا ينثني ... وحسامك العضب الذي لا يكهم
والحال أوسع والعوالي جمة ... والمجد أشمخ والصريمة ضيغم
لا تتركن للناس موضع تهمة ... واحزم فمثلك في العظام يحزم
قد قال شاعر كندة فيما مضى ... بينا على مر الليالي يعلم
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم
فاجعله قدوتك التي تعتادها ... في كل ما يبقى ورأيك أحكم
واسلم على الأيام أنك زينها ... وجمالها والدهر دونك مأتم
لازلت بالنصر العزيز مهنئا ... والدين عن محمود سعيك يبسم
ووقيت مكروه والحوادث واغتدت ... طير السعود باككم تترنم