ولا تعدك صوانا لمهجتها ... إلا وأنت لها في الروع بذال

لولا المشقة ساد الناس كلهم ... ألجود يفقر والإقدام قتال

وإنما يبلغ الإنسان طاقته ... ما كل ماشية بالرجل شملال

إنا لفي زمن ترك القبيح به ... من أكثر الناس إحسان وإجمال

ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته ... ما قاته وفضول العيش أشغال

وللمتنبي يمدح سيف الدولة ويذكر بناء قلعة الحدث

على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغائرها ... وتصغر في عين العظيم العظائم

يكلف سيف الدولة الجيش همه ... وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم

ويطلب عند الناس ما عند نفسه ... وذلك ما لا تدعيه الضراغم

يفدي أتم الطير عمرا سلاحه ... نسور الملا أحداثها والقشاعم

وما ضرها خلق بغير مخالب ... وقد خلقت أسيافه والقوائم

هل الحدث الحمراء تعرف لونها ... وتعلم أي الساقيين الغمائم

سقتها الغمام الغر قبل نزوله ... فلما دنا منها سقتها الجماجم

بناها فأعلى والقنا تقرع القنا ... وموج المنايا حولها متلاطم

وكان بها مثلا جنون فأصبحت ... ومن جثث القتلى عليها تمائم

طريدة دهر ساقها فرددتها ... على الدين بالخطي والدهر راغم

تفيت الليالي كل شيء أخذته ... وهن لما يأخذن منك غوارم

وكيف ترجي الروم والروس هدمها ... وذا الطعن أساس لها ودعائم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015