لما ركبنا البحر. وحللنا منه بين السحر والنحر. شاهدنا من أهواله. وتنافي أحواله. ما لا يعبر عنه. ولا يبلغ له كنه
البحر صعب المرام جداً ... لا جعلت حاجتي إليه
أليس ماء ونحن طين ... فما عسى صبرنا عليه
فكم استقبلتنا أمواجه بوجوه بواسر. وطارت إلينا من شراعه عقبان كواسر. قد أزعجتنا أكف الريح من وكرها. كما نبهت اللجج من سكرها. فلم تبق شيئا من قوتها ومكرها. فسمعنا للجبال صفيرا. وللرياح دويا عظيما وزفيرا. وتيقنا أنا لا نجد من ذلك إلا فضل الله مجيرا وخفيرا. وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه. وأيسنا من الحياة لصوت تلك العواصف والمياه. فلا حيا الله ذلك الهول المزعج ولا بياه. والموج يصفق لسماع أصوات الرياح فيطرب بل ويضطرب. فكأنه من كاس الجنون يشرب أو شرب. فيبتعد ويقترب وفرقه تلتطم وتصطفق. وتختلف ولا تكاد تتفق. فتخال الجو يأخذ بنواصيها. وتجذبها أيديه من قواصيها. حتى كاد سطح الأرض يكشف من خلالها. وعنان السحب يخطف في استقلالها. وقد أشرفت النفوس على التلف من خوفها واعتلالها. وآذنت الأحوال بعد انتظامها باختلالها. وساءت الظنون. وتراءت في صورها المنون. والشراع في قراع مع جيوش الأمواج. التي أمدت