لما قتل عبد الله بن الزبير وكان عبد الله بن الحجاج من أصحابه وشيعته احتال حتى دخل على عبد الملك بن مروان وهو يطعم الناس. فدخل حجرة فقال له: ما لم يا هذا لا تأكل. قال: لا أسحل أن آكل حتى تأذن لي. قال: قد أذنت للناس جميعاً. قال: لم أعلم. فآكل بأمرك. قال: كل فأكل وعبد الملك ينظر إليه. ويعجب من فعاله. فلما أكل الناس جلس عبد الملك في مجلسه وجلس خواصه بين يديه وتفرق الناس فجاء عبد الله بن الحجاج ووقف بين يديه. ثم استأذنه في الإنشاد فأذن له فأنشده:
أبلغ أمير المؤمنين فإنني ... مما لقيت من الحوادث موجع
منع القرار فجئت نحوك هاربا ... جيش يجر ومقنب يتلمع
فقال عبد الملك: وما خوفك لا أم لك لولا أنك مريب. فقال عبد الله:
كنا تنحلنا البضائر مرة ... وإليك إذ عمي البصائر نرجع
إن الذي يعصيك منا بعدها ... من دينه وحياته متودع
آتي رضاك ولا أعود لمثلها ... وأطيع أمرك ما أمرت وأسمع