وما تنشق نشر الشكر ذو الكرم ... إلا وأزرى بنشر المسك مفتوتا
والحمد والبخل لم يقض اجتماعهما ... حتى لقد خيل ذا ضبا وذا حوتا
والسمح في الناس محبوب خلائقه ... والجامد الكف ما ينفك ممقوتا
وللشحيح على أمواله علل ... يوسعنه أبدا ذما وتبكيتا
فجد بما جمعت كفاك من نشب ... حتى يرى مجتدي جدواك مبهوتا
فقال له الوالي: تالله لقد أحسنت. فأي ولد الرجل أنت. فنظر إليه عن عرض. وأنشد وهو مغضض:
لا تسأل المرء من أبوه ورز ... خلاله ثم صله أو فاصرم
فما يشين السلاف حين حلا ... مذاقها كونها ابنة الحصرم
قال: فقربه الوالي لبيانه الفاتن. حتى أحله مقعد الخاتن. ثم فرض له من سيوب نيله. ما آذن بطول ذيله وقصر ليله. فنهض عنه يردن ملآن. وقلب جذلان. وتبعته حاذيا حذوه. وقافيا خطوه. حتى إذا خرج من بابه. وفصل عن غابه. قلت له: هنئت بما أوتيت. ومليت بما أوليت. فأسفر وجهه وتلالا. ووالى شكرا لله تعالى. ثم خطر اختيالا. وأنشد ارتجالا:
من يكن نال بالحماقة حظا ... أو سما قدره لطيب الأصول
فبفضلي انتفعت لا بفضولي ... وبقولي ارتفعت لا بقيولي
ثم قال: تعسا لمن جدب الأدب. وطوبى لمن جد فيه ودأب. ثم ودعني وذهب. وأودعني اللهب.