مني نفثة. ثم له الخيار من بعد. وبيده البذل والرد. فعقد له القوم الحبى. ورسوا أمثال الربى. فلما آنس حسن إنصاتهم. ورزانة حصاتهم. قال: يا أولي الأبصار الرامقة. والبصائر الراثقة. أما يغني عن الخبر العيان. وينبئ عن النار الدخان. شيب لائح. ووهن فادح. وداء واضح. والباطن ففاضح. ولقد كنت والله ممن ملك ومال. وولي وآل. ورفض وأنال. ووصل وصال. فلم تزل الجوائح تسحت. والنوائب تنحت. حتى الوكر قفر. والكف صفر. والشعار ضر. والعيش مر. والصبية يتضاغون من الطوى. ويتمنون مصاصة النوى. ولم أقم هذا المقام الشائن. وأكشف لكم الدفائن. إلا بعد ما شقيت ولقيت. وشبت مما لقيت. فليتني لم أكن بقيت. ثم تأوه تأوه الأسيف. وأنشد بصوت ضعيف:

أشكو إلى الرحمان سبحانه ... تقلب الدهر وعدوانه

وحادثات قرعت مروتي ... وقوضت مجدي وبنيانه

واهصرت عودي ويا ويل من ... تهتصر الأحداث أغصانه

وأمحلت ربعي حتى جلت ... من ربعي الممحل جرذانه

وغادرتني حائرا برائرا ... أكابد الفقر وأشجانه

من بعد ما كنت أخا ثروة ... يسحب في النعمة أردانه

يختبط العافون أوراقه ... ويحمد السارون نيرانه

فأصبح اليوم كأن لم يكن ... أعانه الدهر الذي عانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015