فارجعي إلى خدرك. واعذري أبا عذرك. ونهني عن غربك. وسلمي لقضاء ربك. ثم إنه قرض لهما في الصدقات حصة. وناولهما من دراهمها قبصة. وقال لهما: تعلالا بهذه العلالة. وتنديا بهذه البلالة. واصبرا على كيد الزمان وكده. فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده. فنهضا وللشيخ فرحة المطلق من الإسار. وهزة الموسر بعد الإعسار. قال الراوي: وكنت عرفت أنه أبو زيد ساعة بزغت شمسه. ونزعت عرسه. وكدت أفصح عن افتتانه. وأثمار أفنانه. ثم أشفقت من عثور القاضي على بهتانه. وتزويق لسانه. فلا يرى عند عرفانه أن يرشحه لإحسانه. فأحجمت عن القول إحجام المرتاب. وطويت ذكره كطي السجل للكتاب. إلا أني قلت بعدما فصل. ووصل إلى ما وصل: لو أن لنا من ينطلق في أثر. لأتانا بفص خبره. وبما ينشر من حبره. فأتبعه القاضي أحد أمنائه. وأمره بالتجسس عن أنبائه. فما لبث أن رجع متدهدها. وقهقر مقهقها. فقال له القاضي: مهيم. يا أبا مريم. فقال: لقد عانيت عجبا. وسمعت ما أنشأ لي طربا. فقال له: ماذا رأيت. وما الذي وعيت. قال: لم يزل الشيخ مذ خرج يصفق بيديه. ويخالف بين رجليه. ويغرد بملء شدقيه: ويقول:
كدت أصلى ببليه ... من وقاح شمرية
وأزور السجن لولا ... حاكم الإسكندرية
فضحك القاضي حتى هوت دنيته. وذوت سكينته. فلما فاء