ما كنا قد عقدناه. وأبطل ما كنا أردناه. فلمنا إليه وقلنا له: ما أحوجنا إلى وعظك. وأعشقنا للفظك. ولو شئت لزدت قال: إن وراءكم موارد أنتم واردوها وقد سرتم إليها عشرين حجة:

وإن امرءا قد سار عشرين حجة ... إلى منهل من ورده لقريب

ومن فوقكم من يعلم أسراركم. ولو شاء لهتك أستاركم. يعاملكم في الدنيا بحلم ويقضي عليكم في الآخرة بعلم. فليكن الموت منكم على ذكر. لئلا تأتوا بنكر. فإنكم إذا استشعرتموه. لم تجمحوا. ومتى ذكرتموه. لم تمرحوا. وإن نسيتموه. فهو ذاكركم. وإن كرهتموه. فهو زائركم. قلنا: فما حاجتك. قال: أطول من أن تحد. وأكثر من أن تعد. قلنا: فسانح الوقت. قال: رد فائت العمر. ودفع نازل الأمر. قلنا: ليس ذلك إلينا ولكن ما شئت من متاع الدنيا وزخرفها. قال: لا حاجة لي فيها.

المقامة القزوينية

حدثنا عيسى بن هشام قال: غزوت الثغر بقزوين. سنة خمس وسبعين. فيمن غزاه. فما أجزنا حزنا. إلا هبطنا بطنا. حتى وقف المسير بنا على بعض قراها. فمالت الهاجرة بنا إلى ظل أثلاث. في حجرتها عين كلسان الشمعة. أصفى من الدمعة. تسيح في الرضراض. سيح النضناض. فنلنا من الطعام ما نلنا. ثم ملنا إلى الظل فقلنا. فما ملكنا النوم حتى سمعنا صوتا أنك من صوت حمار فذاد عن القوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015