فأغنى فقيرها. وجبر كسيرها. ورفع وضيعها. وزاد رفيعها ما خلا ناحيتين ناحية يغلب عليها الشقاء وتستميلهم الأهواء فتستخف بدعوته وتبطئ عن إجابته وتتثاقل عن حقه فتكون آخر من يبعث وأبطأ من يوجه. فيصطلي عليها موجدة ويبتغي لها علة. لا يلبث أن يجد بحق يلزمهم وأمر يجب عليهم فتستلحمهم الجيوش وتأكلهم السيوف ويستحر بهم القتل ويحيط بهم الأسر ويفنيهم التتبع. حتى يخرب البلاد ويوتم الأولاد وناحية لا يبسط لهم أمانا ولا يقبل لهم عهدا ولا يجعل لهم ذمة. لأنهم أول من فتح باب الفرقة وتدرع جلباب الفتنة وربض في شق العصا. لكنه يقتل أعلامهم ويأسر قوادهم. ويطلب هرابهم في لجج البحار وقلل الجبال وخمل الأودية وبطون الأرض تقتيلاً وتغليلاً وتنكيلاً حتى يدع الديار خرابا والنساء أيامى. وهذا أمر لا نعرف له في كتبنا وقتا ولا نصحح منه غير ما قلنا تفسيرا. وأما موسى ولي عهدي فهذا أوان توجهه إلى خراسان وحلوله بجرجان. وما قضى الله على الشخوص إليها والمقام فيها خير لمسلمين مغبة وله بإذن الله عاقبة من المقام. بحيث يغمر في لجج بحورنا ومدافع سيولنا ومجامع أمواجنا. فيتصاغر عظيم فضله ويتذأب مشرق نوره ويتقلل كثير ما هو كائن منه. فمن يصحبه من الوزراء ويختار له من الناس. (قال محمد بن الليث) : أيها المهدي إن ولي عهدك أصبح لأمتك وأهل ملتك علما قد تثنت نحوه أعناقها ومدت سمته أبصارها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015