ندبر وعلى الله نتوكل. إنه لابد لوي عهدي (وولي عهدي عقبي بعدي) أن يقود إلى خراسان البعوث ويتوجه نحوها بالجنود. أما الأول فإنه يقدم إليهم رسله ويعمل فيهم حيله. ثم يخرج نشطا إليهم حنقا عليهم يريد أن لا يدع أحد من إخوان الفتن ودواعي البدع وفرسان الضلال إلا توطأه بحر القتل وألبسه قناع القهر وقلده طوق الذل. ولا أحدا من الذين عملوا في قص جناح الفتنة وإخماد نار البدعة ونصرة ولاة الحق إلا أجرى عليهم ديم فضله وجداول نصله. فإذا خرج مزمعا به مجمعا عليه لم يسر إلا قليلا حتى يأتيه أن قد عملت حيله وكدحت كتبه ونفذت مكايده. فهدأت نافرة القلوب ووقعت طائرة الأهواء واجتمع عليه المختلفون بالرضا. فيميل نظرا لهم وبرا بهم وتعطفا عليهم إلى عدو قد أخاف سبيلهم وقطع طريقهم ومنع حجاجهم بيت الله الحرام وسلب تجارهم رزق الله الحلال. وأما الآخر فإنه يوجه إليهم ثم تعتقد له الحجة عليهم بإعطاء ما يطلبون وبذل ما يسألون. فإذا سمحت الفرق بقراباتها له وجنح أهل النواحي بأعناقهم نحوه فأصغت إليه الأفئدة واجتمعت له الكلمة وقدمت عليه الوفود قصد لأول ناحية نجعت بطاعتها وألقت بأزمتها فألبسها جناح نعمته وأنزلها ظل كرامته وخصها بعظيم حبائه. ثم عم الجماعة بالمعدلة وتعطف عليهم بالرحمة فلا يبقى فيهم ناحية دانية ولا فرقة قاصية إلا دخلت عليها بركته. ووصلت إليها منفعته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015