وقد كان لقرب داره منك ومحل جواره لك عطل الحال غفل الأمر واسع العذر. فأما إذا انفرد بنفسه وخلا بنظره وصار إلى تدبيره فإن من شان العامة أن تتفقد مخارج رأيه وتستنصت لمواقع آثاره. وتسأل عن حوادث أحواله في بره ومرحمته وإقساطه ومعدلته وتدبيره وسياسته ووزرائه وأصحابه. ثم يكون

ما سيق إليهم أغلب الأشياء عليهم وأملك الأمور به وألزمها لقلوبهم وأشدها استمالة لرأيهم وعطفا لأهوائهم. فلا يعلم المهدي وفقه الله ناظرا له فيما يقوي عمد مملكته ويسدد أركان ولايته ويستجمع رضا أمته بأمر هو أزين لحاله وأظهر لجماله. وأفضل مغبة لأمره وأجل موقعا في قلوب رعيته وأحمد حالا في نفوس أهل ملته ولا أدفع مع ذلك باستجماع الأهواء له وأبلغ في استعطاف القلوب عليه من مرحمة تظهر من فعله ومعدلة تنتشر عن أثره ومحبة للخير وأهله. وأن يختار المهدي وفقه الله من خيار أهل كل بلدة وفقهاء أهل كل مصر أقواما تسكن العامة إليهم إذا ذكروا وتأنس الرعية بهم إذا وصفوا. ثم تسهل لهم عمارة سبل الإحسان وفتح باب المعروف كما قد كان فتح له وسهل عليه.

(قال المهدي) : صدقت ونصحت ثم بعث في ابنه موسى فقال: أي بني إنك قد أصبحت لسمت وجوه العامة نصبا ولمثنى أعطاف الرعية غاية. فحسنتك شاملة وإساءتك نائية وأمرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015