العباس بن محمد) : أيها المهدي أما الموالي فأخذوا بفروع الرأي وسلكوا جنبات الصواب وتعدوا أمورا قصر بنظرهم عنها أنه لم تأت تجاربهم عليها. (وأما الفضل) فأشار بالأموال أن لا تنفق. والجنود أن لا تفرق. وبان لا يعطى القوم ما طلبوا ولا يبذل لهم ما سألوا. وجاء بأمر بين ذلك استصغارا لأمرهم واستهانة بحربهم وإنما يهيج جسيمات الأمور صغارها. (أما علي) فأشار باللين وأفرد الرفق وإذا جرد الوالي لمن غمط أمره وسفه حقه اللين بحتا والخير محضا لم يخلطهما بشدة تعطف القلوب على لينه ولا بشر يحبسهم إلى خيره. فقد ملكهم الخلع لعذرهم ووسع لهم الفرجة لثني أعناقهم. فإن أجابوا دعوته وقبلوا لينه من غير خوف اضطرهم ولا شدة ونزوة في رؤوسهم يستدعون بها البلاء إلى أنفسهم ويستصرخون بها رأي المهدي فيهم. وإن لم يقبلوا دعوته ويسرعوا لإجابته باللين المحض والخير الصراح فذلك ما عليه الظن بهم والرأي فيهم وما قد يشبه أن يكون من مثلهم. لأن الله تعالى خلق الجنة وجعل فيها من النعيم المقيم والملك الكبير ما لا يخطر على قلب بشر ولا تدركه الفكر ولا تعلمه نفس ثم دعا الناس إليها ورغبهم فيها. فلولا أنه خلق نارا جعلها لهم رحمة يسوقهم بها إلى الجنة لما أجابوا ولا قبلوا. (أما موسى) فأشار بأن يعصبوا بشدة لا لين فيها وأن يرموا بشر لا خير معه. وإذا أضمر الوالي لمن فارق طاعته وخالف جماعته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015