الخوف مفردا والشر مجردا ليس معهما طمع ولا لين يثنيهم اشتدت الأمور بهم وانقطعت الحال منهم إلى أحد أمرين: إما إن تدخلهم الحمية من الشدة والأنفة من الذلة والامتعاض من القهر فيدعوهم ذلك إلى التمادي في الخلاف والاستبسال في القتال والاستسلام للموت. وإما أن ينقادوا بالكرة ويذعنوا بالقهر على بغضة لازمة وعداوة باقية تورث النفاق وتعقب الشقاق. فإذا أمكنتهم فرصة أو ثابت لهم قدرة أو قويت لهم حال عاد أمرهم إلى أصعب وأغلظ وأشد مما كان. (وقال) في قول أبي الفضل أيها المهدي أكفى دليل وأوضح برهان وأبين خبر. بأن قد أجمع رأيه وحزم نظره على الإرشاد ببعثة الجيوش إليهم وتوجيه البعوث نحوهم مع إعطائهم ما سألوا من الحق وإجابتهم إلى ما سألوه من العدل. (قال المهدي) : ذلك رأي. (قال هارون) : خلطت الشدة أيها المهدي باللين. وانتظم أمر الدنيا بالدين. فصارت الشدة أمر فطام لما تكره وعاد اللين أهدى قائد إلى ما تحب. ولكن أرى غير ذلك. (قال المهدي) : لقد قلت فولا بديعا. وخالفت به أهل بيتك جميعا. والمرء مؤتمن بما قال وظنين بما ادعى حتى يأتي ببينة عادلة وحجة ظاهرة فاخرج عما قلت. (قال هارون) : أيها المهدي إن الحرب خدعة والأعاجم قوم مكرة. وربما اعتدلت الحال بهم واتفقت الأهواء منهم. فكان باطن ما يسرون على ظاهر ما يعلنون. وربما افترقت الحالان وخالف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015